الدرس الأوّل: علم الدلالة أ.
العمري
هذا النصّ للّساني الأمريكي روبار لورانس
لاري تارسك (1944ـ 2004) وهو مقتطف من كتابه: مفاهيم مفاتيح في اللغة واللسانيات
الصادر سنة 1999 (Key concepts in language and linguistics ).
وهو
نصّ ذو طابع ابستيمولوجيّ لأنّه يتناول موقع علم الدلالة (sémantique / semanics) في تاريخ العلوم وهو
يركّز على مسار تطوّر هذا العلم وعلاقته باللسانيّات والفلسفة. ومن الملاحظ أنّ
اللسانيّات منذ نشأتها لم تكن مرتبطة بنزعة واحدة بل تعدّدت اتّجاهاتها واختلفت
مناهجها وتبدّلت مراكز الاهتمام فيها منذ ما يزيد عن القرنين. فهل كانت الدلالة في
جميع هذه المراحل تحتلّ نفس المكانة؟
I ـ تعريف علم
الدلالة:
1) الفرق بين مصطلحي "الدلالة" و"المعنى":
يدل دلالة على
اللفظ (الكرم) ــــــــــــــــ
المعنى (قيمة أخلاقيّة)
ولو بحثنا في التعريف الاصطلاحيّ للمعنى باعتباره موضوعا للدراسة لوجدنا أنّه يرتبط بأكثر من تصوّر لأنّه موضوع
يدخل في اهتمامات الكثير من العلوم منها المنطق والفلسفة والبلاغة.
أمّا في اللسانيّات فقد جاء في معجم اللسانيّات (Dictionnaire
de linguistique) لديبوا أنّ مصطلح المعنى عامّ جدّا ووقع استعماله في النظريّات اللسانيّة المختلفة
دون تدقيق مضمونه. ولذلك نجد كلّ نظريّة تطوّعه بحسب فهمها له. وقد سعت بعض الموسوعات
اللسانيّة الحديثة إلى أخذ تلك الاختلافات بعين الاعتبار في تعريفها للمعنى.
وقد جاء في معجم اللسانيات والصوتيّات (من تأليف دافيد كريستال David Crystalنشره في
سنة 2008) أنّ المعنى (meaning) يُقصد به
موضوع الدراسة اللسانيّة وهو المفهوم المركزي لعلم الدلالة أحد فروع اللسانيّات.
وقد يرتبط المعنى بنزعة منهجيّة قوامها تحليل الجوانب اللغويّة المتصلة بالمعنى في
نظام اللغة. وتقوم مهمّة اللسانيّ في دراسته للمعنى اللغويّ المحض على استبعاد
الجوانب غير اللسانيّة في اللغة مثل الجوانب الثقافيّة والفلسفيّة والاجتماعيّة
والدينيّة والنفسيّة والمنطقيّة. وفي المقابل لا يبدو المعنى اللغويّ واحدا
ومستقرّا فمظاهره عديدة ومختلفة فقد يرتبط المعنى بالمفردة (المعنى المعجمي) وقد
يرتبط بالتركيب (المعنى النحويّ) وقد يرتبط بالسياق (المعنى التداوليّ).
2- علاقة علم الدلالة باللسانيّات:
علم الدلالة هو علم متفرّع عن اللسانيّات وهو يطمح للتركيز على جانب المعنى
في نظام اللغة وما يرتبط بالعلامات اللغوية من معاني ودلالات. لذلك اُشتقّ مصطلح
علم الدلالة من الكلمة اليونانيّة (sema) التي تعني إشارة/ علامة. وقد نجد
اختلافات كثيرة في تعريف هذا العلم، فقد عرّفه جون لاينز بأنّه دراسة للمعنى
واعتبره أولمان دراسة لمعاني الكلمات، لكن من الواضح أنّ إجماع المشتغلين
به ينصبّ على اعتبار المعنى موضوعا أساسيّا لهذا العلم وغن اختلفت مناهجهم في
تناوله. فلماذا التركيز على المعنى؟
إنّ اللسانيّات منذ نشأتها كانت تغلّب الاهتمام بجانب اللفظ دون المعنى من
خلال سيطرة علم الأصوات في اللسانيّات التاريخيّة والمقارنة والتي كان مشغلها
ملاحظة مظاهر التشابه بين اللغات الهندو- أروبيّة ودراسة التطوّر الزمني للكلمات
خاصّة في بعدها الصوتي. (ظهر مصطلح اللسانيّات سنة 1800 في معجم بواست Boiste وسيطرت اللسانيّات التاريخيّة والمقارنة منذ ظهور
هذا العلم طيلة القرن التاسع عشر إلى حدود نشر دروس دي سوسير 1914 ) وعادة ما يُدرس
نظام اللغة في ضوء ثنائيّة لفظ/ معنى. وهذا التقسيم يعكس نظرة ثنائيّة للغة
إذ أنّ في عبارات أيّ لغة فيها جانب شكليّ نلاحظه من خلال اللفظ ( الأصوات
والكلمات والتراكيب) وفيها جانب دلاليّ يتعلّق بالمعنى (ما يحصل في الذهن من فهم
لتلك الألفاظ). ومن الواضح أنّ اللسانيات قبل ظهور علم الدلالة تركّز على الجانب
اللفظي المتصل بالشكل وقلّما اهتمّت بالمعنى. أمّا علم الدلالة فمطمحه تجاوز هذه
النقيصة بدراسة المعاني والكيفية التي تعبر بها اللغة عن المعنى. ولذلك تأخّر ظهور
هذا العلم. لكنّ هل تتسّم دراسة هذا الجانب الدلاليّ في اللغة بالقدر الكافي من الصرامة
والدقة والوضوح؟
يرتبط المعنى بجانب ذهنيّ نفسيّ فعندما نقول: (كتاب) هناك معنى يحصل في
الذهن وفهم يتبادر لعقول المتكلمين بالعربيّة قوامه ذلك الوعاء الورقيّ الذي ندوّن
فيه كلاما أو بحثا أو قصّة. فلنأخذ مثلا تلك العبارة (كتاب)لنختبر مدى ما تثيره من
قضايا دلاليّة كثيرة:
هذه العبارة (كتاب) تثير قضايا دلاليّة كثيرة: ألا تدلّ هذه الكلمة على
الكثير من المعاني المتباعدة مثل المصحف والرسالة والمجلّد؟ ألا يطرح استخدام تلك
الأسماء قضيّة الترادف بينها والفروق الدلاليّة بينها؟ وهل تكون دراستنا للتركيب
الذي يضمّ هذه العبارة بنفس الوسائل التي ندرس بها الكلمة مفردة؟ وهل يكون مدلول
هذه الكلمة هو نفسه إذا استخدمناها في أكثر من سياق؟
إن نظاميّة المعنى وقابليّته للحصر في شكل قواعد وأنظمة يبدو لنا أمرا لا يتّسم بنفس القدر من اليسر والبساطة
والدقة إذا قارنّاه بدراسة الجانب الشكليّ من اللغة. لذلك أدّت هذه القضايا
وتشعّبها واختلاف مستويات دراسة المعنى إلى تطور علم الدلالة بصفة مستمرة وتجديد
وسائله وأدواته في البحث ويدلّ على ذلك ما نلاحظه من تعدّد المواضيع الدلاليّة
وبروز تفريعات في علم الدلالة منها: علم الدلالة المعجميّ الذي يدرس دلالة
الكلمات مفردةً وعلم الدلالة النحويّة الذي يتناول كيفيّة دلالة التراكيب
والجمل على المعنى.
ومن الواضح أنّ للمعنى قضايا متعدّدة ومتشعّبة مثل الغموض والاشتراك
والتحليل السيمي للكلمات ودلالة الوظائف النحويّة، ومن ذلك أيضا قضية ارتباط الدال
بالمدلول وقضيّة التضاد أو الترادف بين
المفردات في المعجم. إنّ هذه القضايا تجعل دراسة المعنى محفوفة بالمصاعب متنوعة
المناهج متطورة باستمرار والسبب في ذلك أنّ المعنى يرتبط بمستويات متعدّدة، مثل
المعجم والاشتقاق والتصريف والتركيب. صحيح أنّ المعنى جزء من نظام اللغة لكنّه
يتأبّى عن الحصر والتحديد تحديدا دقيقا نهائيّا مضبوطا، فلا نستغرب حينئذ نفور
اللسانيين منه في بداية تاريخ اللسانيّات فقد كانوا يفتقرون إلى وسائل حصره، أمّا
اليوم فقد أصبح الاهتمام بالمعنى هو السمة الأبرز للسانيّات العرفانيّة (linguistique cognitive/cognitive linguistics)
فقد تطوّرت العلوم المتّصلة بالعرفان وقدّمت
نتائج باهرة حول ما يحدث في الذهن من طرق تمثّل المعنى (العلوم العرفانيّة:
البيولوجيا، علوم الأعصاب، الإعلاميّة، علم النفس العرفانيّ...) لكن عودة الاهتمام بالمعنى لا تحجب ما يتّصل به
من قضايا إشكاليّة تتغيّر مقارباتها باستمرار وتتراكم نتائجها في تغيّر مستمرّ مهما
كان اجتهادات الدلاليّين في تدقيق دراسته وتجديد مناهج تناوله.
II ـ أهمّ مراحل
تطوّر علم الدلالة:
يمكن التمييز بين مجموعة من المراحل التي طبعت تاريخ علم الدلالة وأثّرت
بذلك في طريقة تناول اللسانيين للمعنى:
1) ظهور علم الدلالة:
ظهرت بوادر هذا العلم في نهاية القرن التاسع عشر. وهذه المرحلة
تمثّل فترة ازدهار اللسانيّات التاريخيّة والنحو المقارن. ومن الطبيعيّ أن
يكون التركيز منصبّا في هذه المرحلة على اعتبار الجانب الصوتيّ والجانب التطوّريّ
في اللغة هو الجانب الأهمّ في اللغة والألسن لذلك طغت البحوث التاريخيّة في تطوّر
الكلمات والمقارنة بين الألسن دون أن يكون هناك أيّ اهتمام جدّي بجوانب الدلالة
على المعنى. ولهذا السبب اعتبر المعنى من اهتمامات الفلسفة والمنطق فهو خارج
اهتمام اللسانيّ، وقد نجد أحيانا اهتماما لغويّا بالمعنى لكن تغلب عليه تلك النظرة
الفلسفيّة التي تعتبر المعنى من مشمولات الفكر فتربط اللغة بمقولات فكريّة
فلسفيّة.
في هذا الإطار التاريخيّ، برزت أولى محاولات تأسيس هذا العلم، منها أعمال مولر سنة
1862و1887 حيث حاول الربط بين الكلام والفكر واعتبرهما متطابقين. ومن هذه
المحاولات ما برز خصوصا على يد اللسانيّ الفرنسيّ ميشال بريال ( Michel Bréal
) الذي كان أوّل من استخدم مصطلح علم الدلالة sémantique
سنة 1897 من خلال مؤلّفه مقالة في علم الدلالة: نَحْوَ علم الدلالات ( Essai de sémantique :
science des significations)
وقد لاقى هذا المصطلح رواجا وقبولا
بين اللسانيين. وقد كان اهتمامه يدلّ على محاولة الاعتناء بجانب المعنى في اللغة
وهو ما يجعله مقابلا لما كان يسود في التقاليد اللسانيّة الأروبيّة في عصره من
اهتمام مركّز على الجوانب الصوتيّة ضمن ما يعرف بالنحو المقارن والنحو التاريخيّ. لقد
أظهر توجّها مخالفا لما كان سائدا في عصره من اعتناء بالجوانب الصوتيّة وتطوّرها
التاريخيّ وتقوم نظرته على الاهتمام بمسائل المعنى في مقابل النزعة الصوتيّة التي
طبعت البحث اللسانيّ التاريخيّ والمقارن. لقد حاول بريال دراسة تطوّر معاني
الكلمات في اللغات الهنديّة واليونانيّة واللاتنيّة فكان أوّل من يدرس معاني
الكلمات بدل دراسة تطوّر أصواتها.
إنّ
علم الدلالة منذ نشأته مع بريال يركّز على المعنى ويتخذه موضوعا للدراسة ولذلك جعل
بريال العنوان الفرعي لمقالته (علم الدلالات) وهو بذلك يقابل علم الأصوات الذي
يركّز على الجانب الشكلي في الكلمات والمقارنة بين مختلف اللغات في خصائصها
الشكليّة. لكنّ ما أثير من قضايا تتّصل بالمعنى بقي محتشما وكان في غالبه مرتبطا
باعتبارات فلسفيّة وثقافيّة، ولم يتخلّص من تلك التقاليد الراسخة في البحث اللغويّ
والتي تعتبر المعنى مجاله الفلسفة لا البحث اللسانيّ.
2) مرحلة البنيويّة الأروبيّة:
لقد كان لظهور آراء دي سوسير سنة 1916 التأثير البالغ في توجيه اللسانيّات
نحو الدراسة الآنيّة البنيويّة. وقد طرح دي سوسّير جملة من المبادئ ذات الصلة
بالمعنى، سيكون لها أثر في توجيه علم الدلالة أهمّها:
ـ اعتبار علم
اللسانيّات مندرجا ضمن علم أعمّ هو علم الدلائل أو العلامات أو ما يسمّى
بالسيميولوجيا. فهو علم واسع يضمّ أنظمة التواصل كاللغة وإشارات المرور وأنظمة
التواصل عند الحيوان.
ـ اعتبار البنية
مجموعة عناصر شكليّة لها قيمة تمييزيّة في التعبير عن المعنى. فتكون قيمة الحرف
(ر) في تمييز معنيين في كلمتين مثلا (أمر) و(مرء) وهو بذلك يقدم الشكل على المعنى.
ـ وجود علاقة
اعتباطيّة بين الدال والمدلول: فقد درس دي سوسير العلامة (أو الدليل) واعتبره
مكوّنا من دال ومدلول وهو بذلك يجعل الاهتمام منصبّا على الطريقة التي يرتبط فيها
شكل العبارة بمعناها.
لقد كان لهذه الآراء وغيرها تأثير في الدراسة البنيويّة لنظام اللغة لكنّ
المعنى بقي هامشيّا ويدلّ على ذلك أنّ المدارس البنيويّة التي اتبعت آراء دي سوسير
وتوسعت في مبادئه اهتمّت بالجانب الشكلي من المفردات مثل الصوتم ولم تعط للمدلول
اهتماما كبيرا. ونجد الاهتمام بالتحليل البنيوي للمدلول متأخرا في الستينات حيث اقتصر
الاهتمام على دراسة الكلمة المفردة في المعجم من جهة تحليل سماتها الدلاليّة وفي
ذلك قياس على تحليل السمات التمييزية للصواتم في علم الصوتيّات. ثمّ من خلال
المقارنة بين كلمات متشابهة في المعنى نعثر على فروق دلاليّة تميّز معنى كلّ كلمة.
3) مرحلة البنيويّة الأمريكيّة:
(المدرسة البنيويّة الأنتروبولوجيّة (إدوارد سابير1923)
/المدرسة التوزيعيّة (بلومفيلد 1933)/ المدرسة التحويليّة (هاريس)
اهتمّت اللسانيّات البنيويّة الأمريكية في العشرينات إلى أواخر الخمسينات بقضايا
الجملة والتركيب وتجاوزت مستوى الكلمة الواحدة. واشتهرت في البداية المدرسة
البنيوية الأنتروبولوجيّة لصاحبها إدوارد سابير الذي اهتمّ كثيرا باللغات الهنديّة
وخصائصها الثقافيّة وقادت أعماله إلى اكتشاف الصوتم (phonème). أمّا بخصوص المعنى فقد قادت جهوده إلى التأكيد على
علاقة اللغة بالفكر فاعتبر أنّ اللغة تعكس مقولات الفكر لأنّنا نفكّر باللغة وتعكس
اللغة بذلك ثقافتنا وطريقتنا في التفكير فكثرة أسماء الجمال عند العرب دون الثلوج
أو كثرة أسماء الثلوج دون الجمال عند الإسكيمو إنّما هي دليل على أنّ اللغة تعكس
ثقافتنا وطريقتنا في التفكير وهوما يُسمّى بمبدأ سابير-وورف.
في المقابل ركّزت المدرسة
التوزيعيّة عند بلوممفيلد وأتباعه على الجانب الشكلي للأقوال وتجاوزت تقطيع الكلمة
إلى صواتم إلى مستوى تقطيع الجملة إلى صرافم وكان الشغل الشاغل للتوزيعيين بعد
الثلاثينات هو تحليل القول إلى مكوّناته المباشرة وطريقة توزيع الكلمات في التركيب.
وقد ذكر أحد أبرز أعلام هذه النزعة اللسانيّة ومؤسّس المدرسة التوزيعيّة بلومفيلد
أنّ دراسة المعنى هي نقطة الأضعف الدراسة
اللسانيّة ولا يمكن حصره . ولذلك لم تعط هذه المدرسة للمعنى أهميّة كبرى وسرعان ما تخلّت عنه
واعتبرته غير قابل للحصر متأثرة بذلك بالنزعة اللاذهنية التي تعادي كل ما هو فكري
وذهني ومتصل بالحدس والفهم ومتأثرة بالمدرسة السلوكية في علم النفس التي ترى ضرورة
الاهتمام فقط بما يظهر من السلوك اللغوي (المثير والاستجابة).
4) مرحلة اللسانيّات التوليدية:
من
خلال ما أظهره شومسكي اللساني الأمريكيّ من نقد موجه للتوزيعية والبنيوية
الأمريكية، اقترح نظرية جديدة كان لها تأثير مهم إلى حدود التسعينات : وهي تعرف
بالنحو التوليدي وقد أثار نقاشا واسعا بين اللسانيين بين مؤيد وناقد ومتوسع ومعارض
فكانت كل تلك الجهود تمثل اللسانيات التوليدية.
صورة النحو التوليديّ : ↖
المكوّن الصوتميّ
الأساس ←البنية العميقة ←
التحويل← البنية السطحيّة ├
↙ المكوّن المنطقيّ
من الملاحظ أن المعنى كان هو محور
هذه النقاشات على أكثر من صعيد:
مرحلة كتاب البنى النحويّة 1957
Structures syntaxiques
|
تأسيس النحو التوليدي
دون إعطاء دور للمعنى
|
ـ نظريّة في نفسير كيفيّة تولّد الجملة في الذهن
ـ إغفال مكوّن الدلالة في النحو التوليدي
ـ نقد كبير من كاتز وفودور وبوسطل لإغفاله للمعنى.
|
النظريّة النموذجيّة
la théorie standard
1965
|
إقحام المعنى بشكل ثانويّ استجابة للنقاش
|
ـ إقحام الدلالة في النحو ضمن البنية العميقة.
ـ الدلالة هدفها تأويل تركيب
الجملة الشكليّ (دور تأويلي: الدلالة تؤّل الشكل أي تكسو الشكل بالمعنى بعد
اكتماله ونشأته) فهي مكوّن ثانويّ في تركيبة النحو النحو.
ـ خرج عن شومسكي جماعة الدلالة التوليديّة الذين يعتبرون الدلالة هي
الأساس الرئيسي لتوليد الجملة.
|
النظريّة النموذجيّة الموسّعة
|
تغيير في دور المعنى لكنّه بقي ثانويّا
|
ـ أصبح موقع الدلالة في البنية السطحيّة
ـ بقيت الدلالة مكوّنا ثانويّا هدفه تأويل الجمل بعد اكتمالها نحويّا
(شكليّا).
|
نظريّة العمل والربط 1981
|
نظريّات فرعيّة ودور ثانويّ للمعنى
|
ـ البحث عن نموذج نظري فيه نظريّات فرعيّة
ـ السعي لتاسيس نحو كونيّ يفسّر جميع اللغات
ـ بقيت الدلالة مكوّنا تأويليّا.
|
البرنامج الأدنويّ
|
انخراط في اللسانيّات العرفانيّة التي تعطي للمعنى الأهميّة الأبرز
|
ـ انخراط شومسكي في اللسانيّات العرفانيّة
ـ يمثّل اتّجاه شومسكي وريث التوليديّة وأحد فرعي اللسانيّات العرفانيّة.
ـ كثير من اللسانيّين كانوا توليديّين فصاروا عرفانيين
|
ـ لقد أنشأ شومسكي نحوه على افتراض ما يحصل في الذهن من طريقة في إنتاج
الجمل الصحيحة نحويا ولم يعط للمعنى قيمة
فنقده اللسانيون في ذلك.
ـ أعاد شومسكي النظر في نظريته
وأعطى للمعنى دورا استجابة لهذا النقاش لكنه بقي دورا ثانويا وفي كل مرة يحتد
النقاش يعود شومسكي إلى تطوير نظريته دون أن يعطي للمعنى مكانة رئيسية فالجانب
الشكلي للنحو عنده هو الأساس والدلالة هي مكوّن ثانويّ دوره تأويل الشكل.
ـ أدى ذلك إلى بروز تيار مضاد لنظرية شومسكي يعتبر المعنى والدلالة هما
الأساس المتين لتوليد الجمل وهو ما يعرف بالدلالة التوليدية (جورج لايكوف/ غروبر).
5) مرحلة اللسانيّات العرفانيّة:
ـ لم يشر النصّ إلى أبرز نزعة في اللسانيّات أعادت الاعتبار للمعنى وهي
النزعة التي تسيطر اليوم على البحوث اللسانيّة: اللسانيّات العرفانيّة. ومن همّ
فروعها على الإطلاق الدلالة العرفانيّة وفيها نجد الكثير من النظريّات الجديدة
التي تفسّر المعنى وكيفيّة انتظامه بين اللغة والذهن.
ـ لقد قاد النقاش الذي أثارته النظريّة التوليديّة سابقا إلى عودة الاهتمام
بالمعنى وقد خرج الكثير من التوليديين عن هذه النظريّة ليؤسسّوا نظريّات خاصّة بهم
تهتمّ بالمعنى منهم مثلا فيلمور وجكندوف.
ـ استفادت اللسانيّات العرفانيّة من التطوّر المذهل في العلوم الصحيحة التي
تدرس الدماغ وما يحصل في الذهن من كيفيّة تقبّل المعنى وفهمه وإنتاجه ولذلك صارت
اللسانيّات تهتمّ اليوم أساسا بالجوانب المعنويّة في اللغويّة وهذا ما يفسّر بروز
اختصاص له مكانة كبرى في اللسانيّات وهو الدلالة العرفانيّة.
ـ من أبرز النظريّات المشهورة في ميدان الدلالة العرفانيّة: نظريّة
الاستعارة العرفانيّة عند لايكوف وجونسون حيث تتناول النظريّة ارتباط الاستعارة
بطريقة تفكيرنا فنحن نفكّر ونفهم بالاستعارات (مثال: أخلاق رفيعة/منحطّة: نفهم
الأخلاق باستعارة الاتجاه: أعلى /تحت) ونظريّة الطراز prototype لجورج كلايبار وهي تهتمّ بكيفيّة فهم دلالة المفردات
في المعجم ضمن صور ذهنيّة كبرى. ونظريّة الأطرframes لفيلمور وهي
تهتمّ بالمفردات المعجميّة وكيفيّة تنظيم معانيها في الذهن. وغيرها كثير من
النظرّيات العرفانيّة التي تهيمن على المشهد اللسانيّ اليوم وتتكاثر فيها البحوث
يوما بعد يوم.
III ـ أبرز
فروع علم الدلالة واستفادته من بقيّة العلوم :
يعتبر علم الدلالة فرعا من فروع اللسانيات العامة ومن الواضح أن مشكل
الدلالة والمعنى ظلّ محل تهميش وتردّد بين النظريات والمدارس اللسانية لكنّه في
النصف الثاني من القرن العشرين برز في شكل اختصاص واضح وتركزت فيه الجهود والأعمال
ويمكن ذكر أهمّ ما ميّز اختصاص علم الدلالة باعتباره اختصاصا لسانيا في النقاط
التالية:
ـ بروز توجهات واضحة في علم الدلالة وقضايا دلالية مثل الترادف والتضاد
والحقول الدلالية...وأغلبها يعود إلى اختصاصين: علم الدلالة المعجمي الذي
يعتني بدراسة الكلمة المفردة وعلم الدلالة التركيبيّ الذي يعتني بدلالة
التراكيب والجمل.
ـ استفادة علم الدلالة من جهود الفلاسفة مع اتصال اللسانيات بمختلف العلوم
وخصوصا الفلسفة من ذلك تأثير الفيلسوف والمنطقي الأمريكي ريشارد مونتاغ (Richard Merett Montague ) (1930 ـ 1971)
فقد قدّم نظرة منطقية لدلالة اللغات الطبيعيّة وقدّم تصورا طريفا للدلالة
النحوية في الجمل عبر ما يُعرف بنحو مونتاغ
وكان لأفكاره تأثير على اللسانيين الأمريكيين.
ـ استفادة البحث اللساني في علم
الدلالة من مختلف التوجهات البنيوية والتوليدية: مثل تحليل المفردات بنيويا في
المعجم إلى معانم ومعينمات وكذلك دراسة التوليديين للمعجم وللمكون المنطقي في
النحو التوليدي.
ـ أدت جهود اللسانيين والفلاسفة والدلاليين خصوصا إلى التمييز بين دلالة
الكلمات والتراكيب على المعنى في اللغة (الدلالة اللغويّة) ودلالتها
الخصوصيّة على المعنى إذا ربطنا بين اللغة والمقام (الدلالة التداوليّة):
ففي الجملة (رعاك الله) هناك معنى لغوي قوامه الإخبار عن حدث في الزمن الماضي
(دلالة لغويّة تتحقّق بواسطة نظام اللغة) لكن في سياق التوجّه لشخص في مقام محدّد يصبح
الحدث دعاء لفائدته في المستقبل (دلالة تداوليّة تدخّل فيها المقام). وبذلك وقع
التمييز بين علم الدلالة باعتباره علما لسانيا محضا يتعلّق بدلالة الألفاظ
ومعانيها في اللغة مجردة عن السياق من جهة، والتداولية (pargmatique/pragmatics) باعتبارها دراسة لسانية للمعاني
اللغوية المرتبطة بمقام خصوصيّ للقول. ومن أبرز الدراسات التي قُدّمت في هذا
الاختصاص نظريّة الأعمال اللغويّة (المعاني اللغويّة المباشرة وغير المباشرة
للقول).
تعريف علم الدلالة: النشأة/التطوّر ـ علاقته
باللسانيات - الدلالة عند البنيويين ـ
الدلالة عند التوليديين ـ تأثير الفلسفة
في تناول اللسانيات للمعنى ـ فروع علم
الدلالة ـ التمييز بين الدلالة التداولية وعلم الدلالة.
تحميل الدرس:
رائع ونتمنى المزيد
ردحذفماهو المجال المعرفي الذي ينتمي اليه كتاب علم الدلالة
ردحذف